ما قَبْلَ الأسبيرين
فكِّرْ في الألمْ.
مثلما كان ميكلانجلو يفكِّرُ في عذابِ الصَّخرْ
فكِّرْ في الألم.
فكِّرْ في ضَجَرِ الدودةِ – عذراءِ الترابْ –
عاريةً وعزلاءَ
تنزلقُ في أنفاقِ يأسِها، وتأكلُ الظلامْ.
فكِّرْ في أحزان النباتاتْ,
في ما يتألَّمه الطائرُ،
وما تَشْقاهُ البذرةُ،
وما يحلمهُ عِرْقُ النباتِ المقطوع.
فكِّرْ في صُداعِ الحلزون:
(هل سبقَ لكَ أنْ فكَّرتَ في حلزونٍ يتألم؟ ...)
فكِّرْ في حيرةِ الأتانِ الخجولْ،
في صرخةِ مَخاضِها الداميةِ
تَنْدَلِقُ على فِراشِ أمومتها الأولى.
فكِّرْ في العِجْلةِ البتول، تحتَ ميزانِ موتها،
تَعْصُرُ الهواءَ بعينيها
وتتوسَّلُ حنانَ أخيها الجزَّار.
فكِّرْ في الألمْ.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّر في ضوضاء الآلام قبل أن تتحوَّل إلى فكرةْ
وفي غُصَّات الموسيقى قبل أن تصيرَ أغنيةَ عُرْس.
فكِّرْ في الدمعةِ اليابسة لأمِّ الجندي الميْت
تَصْرخُها أمامَ عدسةِ التاريخ:
"أنا فخورةٌ بموته..."
فكِّرْ في الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
لا أقولُ لكَ: ابْكِ.
لا أدعوكَ إلى قدَّاسِ شفقةٍ.
ولا أتوسَّلُ إليك: صلِّ لأجل هذا وهذا... ؛
لكنْ، فكِّرْ فحسب.
فكِّرْ قدْرَ ما تستطيع، وأعمقَ ما تستطيع.
فكِّرْ في أنكَ أنتَ الحلزونُ، والطائرُ،
والمرأةُ، وعِرْقُ النباتِ المقطوع.
بل وأكثرَ: كنْ – أنتَ – هذا وذاكَ وتلك.
فكِّرْ في أنكَ – أنتَ – مَن يتألَّم
وأنكَ – ربما بسبب الحياء –
لا تستطيع أن تقول: "أنا أتألم"
وأنكَ – أنتَ العاجز – إذْ تتضرَّعُ في السرِّ،
تتضرَّعُ إلى جدرانٍ وبَشَرٍ وأيقوناتٍ
ليس بمقدورها أن تشفيَ من الألم.
فكِّرْ في "أنت"... وفي الألم
وانتبِهْ: الألمُ ليس مجرَّدَ فكرةْ.
الألمُ مادَّة.
الألمُ ذاكرةُ العناصر.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ، وآمِنْ بما تفكِّرُ فيه؛
إذْ... كيف لأحدنا أن يعرفْ؟! ...
ربما الهواءُ صرخةُ جُرْحِ الطائر
والظلامُ أنينُ الصخرة
والأخضرُ دمعةُ قلبِ النباتْ.
فكِّرْ
في
الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
ولا تستنجدْ بأحدٍ أو شيءْ.
ما تَصْرُخهُ لا يُسمَع
وما تُلوِّح به لا أحد يراه.
صرخةُ الألمِ: الصمت.
إذنْ...
فكِّرِ الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ:
(ما قَبْلَ الأسبيرين...
أيامَ كان الناس يحلمونَ الحياةَ بأسنانهم
ويداوون آلامَ الموت بصرخاتِ قلوب اليائسين.
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ اللغاتِ والرسائل والتعاويذ،
ما قبلَ الأسئلة الكبرى والرِّسالاتِ الكبرى،
ما قبلَ “Help me!” و"أنْجِدْني"
و"ضمِّدْ بحنانكَ عذابَ قلبي".
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ النارِ, والطبولِ، والرايات،
وزجاجاتِ البحَّارة الهالكين
عائمةً على سقوفِ أوقيانوساتِ الموتْ...)
فكِّر في كوابيسِ تلك الأزمنة
وصيحاتِ أولئك الناس.
فكِّرْ في ألمِ الكائناتِ الضعيفةِ، العاجزةِ، المنذهلةِ،
البكماءْ.
فكِّرْ في هذا وهذا،
وفي ألمِ هذا وهذا.
تألَّمْ هذا وهذا وهذا،
لا كَمَنْ يشاركُ في وليمةِ نَدَمٍ أو وليمةِ عطفْ،
بلْ كمنْ يتألم نيابةً عن خليقةٍ بكاملها.
فكِّرِ الألم
فتكتشف اللغةَ الرسميةَ
لجدِّكَ العظيم: الله.
فكِّرْ في الألمْ.
مثلما كان ميكلانجلو يفكِّرُ في عذابِ الصَّخرْ
فكِّرْ في الألم.
فكِّرْ في ضَجَرِ الدودةِ – عذراءِ الترابْ –
عاريةً وعزلاءَ
تنزلقُ في أنفاقِ يأسِها، وتأكلُ الظلامْ.
فكِّرْ في أحزان النباتاتْ,
في ما يتألَّمه الطائرُ،
وما تَشْقاهُ البذرةُ،
وما يحلمهُ عِرْقُ النباتِ المقطوع.
فكِّرْ في صُداعِ الحلزون:
(هل سبقَ لكَ أنْ فكَّرتَ في حلزونٍ يتألم؟ ...)
فكِّرْ في حيرةِ الأتانِ الخجولْ،
في صرخةِ مَخاضِها الداميةِ
تَنْدَلِقُ على فِراشِ أمومتها الأولى.
فكِّرْ في العِجْلةِ البتول، تحتَ ميزانِ موتها،
تَعْصُرُ الهواءَ بعينيها
وتتوسَّلُ حنانَ أخيها الجزَّار.
فكِّرْ في الألمْ.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّر في ضوضاء الآلام قبل أن تتحوَّل إلى فكرةْ
وفي غُصَّات الموسيقى قبل أن تصيرَ أغنيةَ عُرْس.
فكِّرْ في الدمعةِ اليابسة لأمِّ الجندي الميْت
تَصْرخُها أمامَ عدسةِ التاريخ:
"أنا فخورةٌ بموته..."
فكِّرْ في الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
لا أقولُ لكَ: ابْكِ.
لا أدعوكَ إلى قدَّاسِ شفقةٍ.
ولا أتوسَّلُ إليك: صلِّ لأجل هذا وهذا... ؛
لكنْ، فكِّرْ فحسب.
فكِّرْ قدْرَ ما تستطيع، وأعمقَ ما تستطيع.
فكِّرْ في أنكَ أنتَ الحلزونُ، والطائرُ،
والمرأةُ، وعِرْقُ النباتِ المقطوع.
بل وأكثرَ: كنْ – أنتَ – هذا وذاكَ وتلك.
فكِّرْ في أنكَ – أنتَ – مَن يتألَّم
وأنكَ – ربما بسبب الحياء –
لا تستطيع أن تقول: "أنا أتألم"
وأنكَ – أنتَ العاجز – إذْ تتضرَّعُ في السرِّ،
تتضرَّعُ إلى جدرانٍ وبَشَرٍ وأيقوناتٍ
ليس بمقدورها أن تشفيَ من الألم.
فكِّرْ في "أنت"... وفي الألم
وانتبِهْ: الألمُ ليس مجرَّدَ فكرةْ.
الألمُ مادَّة.
الألمُ ذاكرةُ العناصر.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ، وآمِنْ بما تفكِّرُ فيه؛
إذْ... كيف لأحدنا أن يعرفْ؟! ...
ربما الهواءُ صرخةُ جُرْحِ الطائر
والظلامُ أنينُ الصخرة
والأخضرُ دمعةُ قلبِ النباتْ.
فكِّرْ
في
الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
ولا تستنجدْ بأحدٍ أو شيءْ.
ما تَصْرُخهُ لا يُسمَع
وما تُلوِّح به لا أحد يراه.
صرخةُ الألمِ: الصمت.
إذنْ...
فكِّرِ الألم.
.. .. .. ..
.. .. .. ..
فكِّرْ:
(ما قَبْلَ الأسبيرين...
أيامَ كان الناس يحلمونَ الحياةَ بأسنانهم
ويداوون آلامَ الموت بصرخاتِ قلوب اليائسين.
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ اللغاتِ والرسائل والتعاويذ،
ما قبلَ الأسئلة الكبرى والرِّسالاتِ الكبرى،
ما قبلَ “Help me!” و"أنْجِدْني"
و"ضمِّدْ بحنانكَ عذابَ قلبي".
ما قبلَ الأسبيرين...
ما قبلَ النارِ, والطبولِ، والرايات،
وزجاجاتِ البحَّارة الهالكين
عائمةً على سقوفِ أوقيانوساتِ الموتْ...)
فكِّر في كوابيسِ تلك الأزمنة
وصيحاتِ أولئك الناس.
فكِّرْ في ألمِ الكائناتِ الضعيفةِ، العاجزةِ، المنذهلةِ،
البكماءْ.
فكِّرْ في هذا وهذا،
وفي ألمِ هذا وهذا.
تألَّمْ هذا وهذا وهذا،
لا كَمَنْ يشاركُ في وليمةِ نَدَمٍ أو وليمةِ عطفْ،
بلْ كمنْ يتألم نيابةً عن خليقةٍ بكاملها.
فكِّرِ الألم
فتكتشف اللغةَ الرسميةَ
لجدِّكَ العظيم: الله.