كَأَنِّي فَرْدُ حَمَامِ طَائِشٍ
وَكَأَنَّ هَذهِ الأرضَ حَبَّةُ قَمْحٍ بُدونِ قَصْدٍ
سَقَطَتْ مِنْ كِيسِ الكَوْنِ
وَالمَلائِكَةُ يَجُرُّونَهُ بِيَدَينِ مِنْ تَمْرٍ وَسَحَابْ
كَأَنِّي التُرابْ ،
كَأَنِّي الذَهَابْ ،
وَكَأَنِّي امْرَأَةٌ تَنْهَرُ الوَقْتَ عَنْ عَسَلِ فَمِهَا
وَتْقُطُبُ القُرُنْفُلَ عَلَى خَصْرِهَا
كَيْ يَجيءَ العَاشِقُ السَروَ مِنْ زَمَنِ الغِيَابْ
لا شَيءَ يَشِي بِفِتْنَةِ امْرَأَةٍ كَعَيْنَيْها
كَكَفِّ يَدِهَا ،
كَلَوزِ قَلْبِها إِذْ يَمْتَدُّ فِي فَضَاءِ رَأْسِكَ
كَغَمَّازَةٍ عَلَى خَدِّها تُظَلِّلُ نَزَقَ العِنَّابْ
وَلا شَيءَ يَشِي بِمَا بِبَطْنِ غَمَامَةٍ فِي السَمَاءِ
كَمِسْبَحَةِ عَجُوزٍ يَعُدُّ الوَقْتَ
وَيَحْلُمُ بِدَجَاجَاتٍ تَبيضُ عِنْدَ حَرْفِ السُورِ
وَيَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ مَلِيَّا فَلا يَرَى غَيرَ الضَبَابْ
كَأَنِّي فَرْدُ حَمَامٍ طَائِشٍ
وَقَلْبِي مَا شَهَقَ مِنْ ضُوءٍ فِي الماءِ
وَمَا اسْتَثَارَ العَاشِقَ عِنْدَ صُبْحِ الليْلَكِ
فَلَمَّ طَحِينَ قَلْبِهِ حِينَ تَنَاثَرَ فِي الغِيَابْ
وَهَوى مِنْ أَعلاهُ خَفِيفاً
كَحَبَّةِ قَمْحٍ صَغِيرَةٍ تَسَرَّبَتْ مِنْ كِيسٍ
كَان يَجُرُّه المَلَائِكَةُ للأَعْلَى
وَهُمْ يُغَنُّونَ طَرَباً نَحنُ سَبَبٌ مِنَ الأَسْبَابْ
نَحنُ سَبَبٌ مِنَ الأَسْبَابْ